بني عامر (الملالحة) وتربية الإبل وحليب النوق
بني عامر (الملالحة) وتربية الإبل وحليب النوق
عرفت القبائل العربية وعائلاتها التي تسكن في فلسطين، وشبه جزيرة سيناء،
والجزيرة العربية، تربية الإبل منذ قديم الزمان، لما يتصف به الجمل أو الناقة علي
قدرتهم على التحمل والصبر على الظروف الطبيعية القاسية في الصحراء، والأماكن التي
تفتقر لأبسط أشكال الحياة.
وأمام زحف الحضارة في بلادنا تراجعت تربية الإبل، ولم يبقى يعتني بها إلا
بعض المواطنين من بني عامر المعروفون بـ (الملالحة) ، فهم يربونها ليساعدهم
في نقل حوائجهم من هذه المنطقة إلى تلك،
أو لحراثة أرضهم و مزارعهم، أو للحصول علي غذائهم، فهو مصدر من مصادر اللحوم
عندهم، ومصدراً هاماً للوبر وصوف الجمال الذي يستخدمونه في عمل ملابسهم وبيوت
الشعر التي يسكنون داخلها، وقد أخذوا مؤخراً ببيع
حليب النوق، والذي أصبح الآن مصدر رزق لهم بعدما زاد الطلب عليه، وبعدما
إكتشف المعالجون بالطب الشعبي فوائده في شفاء بعض الأمراض، وبتحليله مخبرياً، تبين
إحتواءه علي فيتامينات وبروتينات لازمة لبناء الخلايا ومقاومة الأمراض .
وقد أكد لنا السيد أبو حسين العامري علي بعض المعلومات الهامة والغريبة
التي سمعناها من الأهل : فقال صحيح أن الجمال والنوق تتميز بذاكرة عجيبة، ولا تنسي
أماكن سكن أصحابها، وإن غابت عنها تعود اليها بسهولة ويسر، ومن الطرائف التي رواها
لنا أبو حسين العامري : أن صغير الأبل الرضيع، " القاعود "، إذا تاه عن
قطيعه، يستطيع العودة الي المكان الذي رضع
فيه آخر رضعة من أمه، فهو يعتز بوطنه ومراح أصحابه، كما أكد لنا : أن للأبل مقدرة
عالية علي التعرف علي أصوات أصحابها ورعيانها عن غيرهم، وأن الله عز وجل خصها
بحاسة شم قوية ، وبقدرة عجيبة علي التعرف علي أماكن نزول الأمطار، وأماكن الأرض
المُعشبة، وأماكن الآبار والعيون التي تنبع منها المياه.
وأستند أبو حسين العامري من جلسته عندما مرت من أمامنا ناقة ووليدها، فقال
: أنظروا لها كيف تمشي، فأمعنا النظر، ولاحظنا أن الناقة ووليدها عندما يسيروا
" يرفعوا اليد اليمني مع الرجل اليمني في الخطوة الواحدة، ويرفعوا اليد
اليسري مع الرجل اليسرة في الخطوة التالية، فأسر لنا بخبرته أن المشي بهذه الطريقة
يحفظ توازن الأبل، وأن ذلك أختصت بها الأبل عن سائر الحيوانات الأخري، ما جعلنا
نسبح الله ونحمده، فسبحان الله الخالق المصور الذي أبدع وأحسن خلقه.
وقد أفادني أحد الأخوة الأطباء البيطريين بأن الناقة وهي أنثي الجمل، تدر
حليباً، فوائده لا تحصي، وذكر أن العرب أستخدموه قديماً في معالجة كثير من الأمراض
وأوجاع البطن، ومرض الإستسقاء، وأمراض الكبد وتليفه، وأن أهلنا في خان يونس
وفلسطين يعالجون به اليرقان، وأمراض الربو وضيق التنفس.
كما أكد لي الأخ الدكتور أبو كريم أن التداوي بلبن النوق ليس جديداً، ولكن
الدراسات الحديثة والأبحاث، أثبتت أن هذا اللبن بطئ التجرثم، ولا يتغير بسرعة
وأرجع الدكتور أبو كريم ذلك، إلي قدرة رب العالمين، ثم تغذية الأبل و النوق علي
أنواع معينة من الأعشاب والأشجار البرية الطبية، وأضاف : أن ذلك يقل عندما يتم
تغذية الأبل علي الأعلاف المصنعة والمركزة في حظائر ومزارع، تربية الأبل.
وأضاف قائلاً : لقد ثبت فعلاً أن حليب النوق يحمي اللثة ويقوي الأسنان،
ووجد أنه يساعد علي ترميم خلايا الجسم، لأن نوعية البروتين فيه تساعد علي تنشيط
خلايا الجسم، وعلاج مشاكل الطحال والأنيميا والبواسير.
ونوه سيادته الي دراسة متخصصة تشير لحليب النوق بأنه ذو قيمة عالية في علاج
مرض السكر بعدما أثبتت الدراسة تمتع بروتيناته ومفعولها كمفعول الأنسولين .
ونصح الدكتور أبو كريم الأشخاص الذين يعانون مشاكل في القلب والشرايين بأكل
اللحم الجملي لأحتوائه علي كميات كبيرة من الصوديوم وإنخفاض نسبة البوتاسيوم ،
والحديد والزنك دون بقية لحوم الحيوانت الأخري .
وفي النهاية لا يبقي لنا إلا الوقوف للتأمل في عظمة الخالق عز وجل،
ومعجزاته، ونعمه التي لا تُعد ولا تحصي، وأعطاها لنا وهي لا تُقدر بثمن، فسبحان
الله، والحمدلله، ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي
العظيم .
كتب : محمد سالم الأغا
كاتب وصحفي فلسطيني
التعليقات على الموضوع