حماية بني عامر للقيسية في القرن الثامن عشر
حماية بني عامر للقيسية في
القرن الثامن عشر
بقلم الباحث: أسد الدين الصقري
من وقائع تاريخ قبيلة بني عامر حمايتهم
للقيسية وهيا بنا نسرد هذه الوقائع :
.....................................
في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي ، نشب
قتال شرس بين عدد من عشائر وحمائل القيسية في منطقة الخليل , وأخذ القتل والأخذ
بالثأر يستفحل بين العشائر المتصارعة . ولذا فر العديد منهم إلى جهات مختلفة ،
وكان موضع المزاريع العوامرة في جنوب يافا الساحلية من أحد الجهات التي لجأت إليها
بعض الأسر والأفراد القيسية طلباً للحماية .
وفعلا استقر هناك العديد من هذه العائلات
، ومن هذه القصص أن رجلاً في الثلاثين من عمره كان قد وصل إلى روبين في صباح أحد
الأيام وهو جريحاً في ذراعه ، مقبلاً على رجل عامري كان يشد على فرسه
قائلاً له: في عرضك يا عمي ..
قال الرجل: ابشر فقد وصلت ،
وأخذه لمداوة جرحه ,
فقال الرجل القيسي: يا عمي أنا في ضيق ،
والحرب تأكل الأخضر واليابس وأخاف
على أطفالي وأسرتي ، أريد أحداً ينقذهم
ويأتي بهم .
اجتمع عدد من عشائر المزاريع العوامرة ،
وقرروا إرسال جماعة إلى الخليل لإحضار أسرة هذا الرجل , وفعلاً في ساعات المساء من
هذا اليوم ، توجه القوم ومعهم الرجل ليدلهم الطريق
وحين أقتربوا من الجبل ، كانت رحى الحرب
تدور والصراخ يتعالى ، فشرع كل منهم سيفه مقبلين على الجبل ونادى منادي من
العوامرة قائلاً :
أفسحوا لنا الطريق ، إن لنا ولايا (حريم )
جئنا لنصرتهن ، فإن فستحتم لنا فنحن لكم ناصحون ، وإلا فالحرب بيننا .
فقال القيسي: ومن أنتم ,
قال العامري: رعاة الإبل حماة الضعيف سلالة الطاهر والعفيف ,
فقال القيسي: هؤلاء بدو روبين افسحوا لهم
الطريق ، ودخل القوم وعادوا بأسرة الرجل القيسي إلى مضاربهم .
قال الراوي:
كان العوامرة في هذه الحادثة كلهم من
المزاريع , كان عدتهم 60
رجلاً يركبون الإبل والخيل .
.....................................
ومما وقع أيضا في مثل هذا السياق:
أن رجلاً جاء ومعه أمه ، في مساء أحد
الأيام والقوم مجتمعين عند شيخهم العامري ،
فطرح السلام وقال: هل من مأوى عندكم ,
قام الشيخ ورحب به وقال: ومن أنت ,
قال: أنا من القيسية وقد فررت بأمي من ظلم
أقاربي ,
فنصبوا له بيتاً من الشعر ، وقدموا له
واجب الضيافة ، وبعد ثلاثة أيام زوجوه ، وكانوا يذكرونه فيما بينهم بالقيسي , فسمعهم
ذات يوم فغضب وذهب للشيخ فشكى ذلك ,
وقال: يا شيخ إني منكم وأريد أن يذكروني
كما يذكرون بعضهم ,
فقال الشيخ: وليكن ذلك .. لا بأس بني صدقت
.
قال الراوي :
وبقي هذا الرجل عندنا ثلاثة سنين إلى أن
توفيت أمه ، وحينما ماتت طلب الرجل أن يدفن أمه بجوار قبر والده , وفعلا توجهت
الجنازة إلى الخليل وحين وصولها إلى المقبرة ، بكى الرجل بكاءا شديداً حين أشار
إلى قبر والده
وقال: إذا مت فهذا مكاني .
وحين عاد القوم بعد الدفن ، توفي الرجل في
الطريق ، وقرروا أن يدفنوه بجوار أمه وأبيه
وكان للرجل هذا طفلين صغرين عاشا في أحضان
القبيلة أحدهم رحل شاباً ولم يعد ، والآخر بقيت ذريته حتى يومنا هذا في أحضان
القبيلة .
.....................................
وفي ذات السياق أيضاً:
أن رجلين أخوين قدما من الأردن - حسب الرواية - وكانا منهكين
ومتعبين ، ووجدا لهما مأوى في هذه القبيلة فعطفت وأشفقت عليهم وأوسعت لهما بين
مضاربها .
.....................................
ولقد أخبر أكثر من واحد أن هناك من يرجع
للقيسية قد لجأوا إلى قبيلة بني عامر وخاصة في القرن الثامن عشر الميلادي ,وذكر لي
أسماء بعضاً منهم ، وأنا لا أحب أن أذكر
هذه الأسماء حفاظاً على خصوصيتها , وقال أنهم قد دخلوا في بني مزروع عرب الشمال
وتمتد مضاربهم من شمال اسدود حتى جنوب يافا .
وفي ذات السياق تحدث الراوي عن حلف عرب
أبو كشك في جنوب يافا
قائلاً: يتكون هذا الحلف من عائلات عديدة
تنحدر من أصول يمنية (قطحانية) وقيسية (عدنانية) وأخرى تنحدر من ريف مصر , ويمتد
نفوذ هذا الحلف القبائلي في ثلاثة أقضية متجاورة وهي على التوالي من الشمال إلى
الجنوب
قضاء يافا وقضاء الرملة ثم قضاء غزة .
التعليقات على الموضوع