بني عامر الدوسية لا علاقة لها بحروب بني هلال - قبيلة بني عامر

بني عامر الدوسية لا علاقة لها بحروب بني هلال

بني عامر الدوسية لا علاقة لها بحروب بني هلال
بقلم: الباحث أسد الدين الصقري

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الصادق الأمين ، محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أفضل الصلاة وأتم التسليم ،
أما بعد:

هذا موضع ينفي أي صلة لبني عامر هذه ببني عامر التي كانت تقاتل مع قبيلة بني هلال ، وجاء هذا الموضوع بناءا على طلب أخي الحبيب الباحث حسام العامري حفظه الله ، وفيه بعض الشرح لمن حاول أن يخلط الأمور بعضها ، إن عملية خلط الأمور وتضييع المعلومات ونسبها إلى غير جهتها قد وقع فيها مؤرخون قدماء وتعتبر كتبهم من أمهات المراجع العلمية .. وهناك أدلة وبراهين كثيرة لا يعرفها أو لا يتطلع عليها ، إلا من رحم ربي .. ويبقى الله عز وجل عالم الغيب فهو العليم الحكيم .
وبسم الله ، وعلى بركة الله أبدأ موضوعي هذا
((ادعى البعض أن بني عامر – الدوسية – كانوا قد حاربوا مع بني هلال في حروبهم ضد الزناتي خليفة ابان العصر الفاطمي ، بعض المتقولين بذلك استندوا على روايات رجال من قبيلة بني عامر الدوسية المفصلة حول حروب بني هلال ، من جهة واستندوا على وجود اسم بني عامر في سيرة الهلالية !! والجواب مختصرا النفي المطلق فليس بني عامر الدوسية لها علاقة بتلك الحروب ، وليس هناك علاقة بين هذا الاسم وذاك ، ولكن كل ما في الأمر أن بني عامر الدوسية كانت قد جاورت قبائل بني هلال ولذا حفظوا قصصهم ، وقد كانت بني عامر الدوسية لها علاقة بمنطقة الصعيد وكانوا ينزلون بها ، وفيما يلي بعض التفصيل ))
لقد كان لتراث بني عامر الدوسية الضخم جدا حول سيرة بني هلال وقصصهم وبطولاتهم وحروبهم وأسمائهم وتراثهم ، دافعا لدى بعض الباحثين وبعض المقولين أن بني عامر الدوسية هي عامر الهلالية أو عامر بن صعصعة ، وهذه الأقاويل ليس لها أي دعم علمي على الإطلاق وهي لا تغني ولا تسمن من جوع ، لماذا ؟
أولا إن أسماء عامر وبني عامر وحتى هلال ، أسماء كثيرة للغاية ومهما حصرنا جزء منها فلن نصل إلى درجة الحصر التام ، ولن أدخل في تفاصيل ذلك كثيرا ، إلا إن ما يهمني هنا وبالدرجة الأولى الإجابة على التساؤل الذي يقول :
لماذا قبيلة بني عامر الدوسية تحفظ الكثير من قصص بني هلال ؟!
والجواب وبالتفصيل هو أن قبيلة بني عامر هذه كانت تسكن قرب السويس قبل الفاطميين ، وكانت جزء من حلف يمني قديم كان منذ عهد الأمويين وقد تطورت أسماء هذه القبيلة فكانت بني دوس ، ثم بني ثعلبة ، ثم بني عامر ، ثم بني مزروع وبني غانم ..
فكانت بني دوس قبل الإسلام وحتى نهاية العهد الأموي وفي العهد العباسي دخلت في حلف يمني تزعمته جذام في سيناء وطيئ بفلسطين ، ثم بني ثعلبة من عهد الفاطميين وحتى نهاية عهد الأيوبيين وخلال هذه الفترة كانت ضمن أحلاف يمنية راية حلفهم بيضاء .ثم بني عامر منذ بداية المماليك وحتى أوائل الأتراك .. وفي بداية العهد العثماني كان هذا الحلف قد ذهب أدراج الرياح.
أما بني هلال كانت سنة 231ﻫ /851م تسكن قريبا من المدينة المنورة ، وجرت معهم أحداث كثيرة هناك (تاريخ الرسل والملوك ، للطبري 5/248) وكان بجوار بني هلال بنو سليم ، وكانتا تنزلان العراق في رحلة الشتاء والصيف ، وكانت لهم غارات على أطراف الشام والعراق ، كما كانت بني سليم تغير على الحاج أيام الموسم وزيارتهم للمدينة (الطبري ، المرجع السابق)
ثم وقعت بعد ذلك حادثة القرامطة ، فانضمتا معهم ، وبعد هزيمة القرامطة قام العزيز بالله الفاطمي بنقل من كان معهم من بني هلال وبني سليم وأنزلهم بالجانب الشرقي من بلاد الصعيد .
440ﻫ/1060م أرسل الفاطميون بني هلال لقتال المعز بن باديس في افريقيا ، وأباح لهم الفاطميون حمى المغرب ، وحصلت هناك وقائع وأحداث كثيرة يطول ذكرها ، عندما استولوا على بلاد واسعة هناك دارت بينهم الحروب والنزاعات ، فأخذوا يعودون إلى مصر ، فاستقدم ناصر الدولة ابن حمدان وكان واليا على الاسكندرية قبيلة سنبس وكانت تسكن بالداروم وفلسطين وأسكنهم بالبحيرة لكونهم اعداء قيس (بني هلال ) فأوطأهم ديارهم وأقطعوهم أرضهم (اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء للمقريزي ) وكان ذلك في القرن الخامس الهجري أي العاشر الميلادي .
ومما يعنينا هنا الزمن الذي كان فيه بنو هلال بمنطقة الصعيد ، وما وقع فيها من حروب أهلية طويلة بينهم ، وحسب ما ذكر في كتاب تاريخ الدولة الفاطمية :
في عام 442ﻫ/1060م حيث دارت الحرب بين كل من جشم وزغبة و رباح وربيعة وعدي بطون بني هلال (تاريخ الدولة الفاطمية ، 1994م ص228-229) ففي هذه الفترة كانت بني عامر الدوسية تسكن قرب خليج السويس ضمن حلف يماني تتزعمه الجذاميين وكانت المناطق موزعة بين قبائل وبطون الحلف ، وكان من نتيجة هذه الحرب العنيفة التي وقعت بين بطون الهلالية ، أن توزعت بطونهم فأقبل بعضها إلى سيناء ، وتجاوروا مع بني عامر مدة خمسون عاما ، وفي هذه الفترة كانت بنو عامر بن صعصعة تسيطر على منطقة حلب حتى عانة بزعامة صالح بن مرداس وكان لها صيت ، وعرفت بدولة بني عامر ، وكانت على عداء مع الفاطميين وقد استمرت هذه الدولة مدة مائة وتسع سنين وكان أول من حكمها بنو عقيل ، وانتهى حكمهم سنة 1100م ، وكان الفاطميون هم الذين قتلوا ملك بني عامر صالح بن مرداس .
وفي نفس الفترة المذكورة تعرضت فلسطين للغزو الفرنجي ، وبسبب هذه الحروب توقفت النزاعات القبلية ، وتوجه المسلمون لقتال الفرنجة ، فكانت بني سليم وبطون بني هلال وبني عامر وبني ثعلبة وبني جذام كلهم قد تجندوا لمواجهة الفرنجة ، وكان القتال كر وفر ، وظل الوضع كذلك إلى أن وحد صلاح الدين الأيوبي المسلمون في مصر والشام وجمع جموعه من القبائل والجيوش ، واستطاع أن يوقع بالفرنجة سنة 1187م في موقعة حطين ويحقق نصرا كبيرا
فعمل على مكافئة القبائل وتنظيمها ، حيث وسع لبني ثعلبة والتي منهم بني عامر الدوسية في بلاد جذام (قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان ) واستمرت الهجمات الأيوبية ضد الفرنجة واستمر خلال ذلك اهتمام الأيوبيين بالقبائل والإشراف عليها والحفاظ على وحدتها حتى عام 1291م حين تم القضاء نهائيا على الفرنجة وتطهير عكا منهم على يد السلطان خليل بن قلاوون
وطوال هذه الفترة كانت بني عامر بمنطقة سيناء قرب السويس .
ثم عادت الخلافات القبيلة بين القبائل من جديد ، بعد انتهاء الأيوبيين وتملك المماليك زمام الحكم في مصر والشام ، وظهرت الانقسامات بين مماليك القاهرة ومماليك الشام ، وجرت بينهم حروب يطول ذكرها ، فشنت القبائل الموالية لمماليك مصر غارات على قوافل مماليك الشام وتجارتهم وكان هذا يحدث بإيعاز من مماليك القاهرة وقد جاء في كتاب المقريزي المسمى كتاب( السلوك في معرفة دول الملوك ) قصص كثيرة جدا لهذه الحروب ، ولكن ما يهمنا فيها سيطرة بني ثعلبة على مدن القدس والخليل الرملة سنة 1348م ، ثم جند مماليك الشام جيوشا من القبائل تزعمتها بني جرم من قضاعة لمواجهة بني ثعلبة فهزمت قرب اللد سنة 1349م .
ثم حدثت بعد ذلك الحرب بين قضاعة وبني جذام ، وكان مماليك القاهرة يدعمون بني جذام ومماليك الشام يدعمون قضاعة ، وكانت الغلبة لقضاعة فخرجت جذام من غزة وتراجعت إلى سيناء وذلك في سنة 1445م .واستبدت قضاعة بحكم البلاد في ساحل فلسطين .
في هذه الفترة انتهت قبيلة بني عامر وانقسمت بسبب الحرب إلى نصفين ، الغوانمة في سيناء لم يدخلوا الحرب ، وأما المزاريع الذين هربوا من سيناء بسبب هجوم مماليك القاهرة عليهم زمن السلطان جقمق ، فقد انضم المزاريع إلى مماليك غزة وساندوا قضاعة في حربها ضد جذام ، وحصلوا على أراض بجانب قضاعة في جنوب يافا .
الخلاصة :
إن هذه الأحداث التي دارت منذ العهد الفاطمي وحتى نهاية العهد المملوكي ، كانت مملوءة بالحوادث والحروب والمنازعات ، فحفظ الناس قصصا كثيرة منها وتناقلوها جيلا بعض جيل
وكانت قبيلة بني عامر التي عاصرت تلك الأحداث من حروب الهلالية وحتى حروب اليمانية
قد اكتنزت قصصا كثيرة فتحدثوا عنها بتفصيلات كثيرة ، فالتبس على الباحثين الأمر فخلطوا وزادوا وانقصوا فأفقدوا الموضوعات صحتها .
فبنو عامر التي كانت بالصعيد هم فرع من بني هلال ، ويتبعهم رفاعة وحجير وعزيز بطون
(الكتاب : قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان ، القلقشندي ، مصدر الكتاب : موقع الوراق ،1/34)
أما دولة بني عامر التي تحاربت مع الفاطميين فهي عامر بن صعصعة وقد ذكرها السيد زيني دحلان في( كتابه تاريخ الدول الإسلامية بالجداول المرضية ، ص43 )
أما قبيلة بني عامر الدوسية قد رحلت من دمشق إلى فلسطين ثم إلى مصر والمغرب ، ثم عاد الجزء الذي بمصر إلى فلسطين ، وقد ذكر رواة قدماء من القبيلة أن هناك فرع من قبيلة بني عامر الدوسية كان في الأندلس وهذا الفرع قد نزل مدينة يافا سنة 1500م ، وجاءوا بالمراكب عن طريق البحر ونزلوا في مدينة يافا وهم من ذرية الصحابي الجليل أبو هريرة ، وسبق لأجدادهم أنهم هربوا من فلسطين سنة 133ﻫ إلى الأندلس بعد هزيمتهم على يد السفاح في نهر أبو فرطس في الرملة ، وعرف هؤلاء في قبيلة بني عامر بالمغاربة فترة ثم تلاشت التسمية هذه وتجدر الإشارة إلى أن هؤلاء قد انضموا إلى بطن المزاريع .

هذا وبالله التوفيق والسداد ، اللهم عفوك ورضاك ، لاتؤاخذنا إن نسينا أوأخطأنا ، اللهم غفرانك ورحمتك
وكتبه العبد الفقير إلى الله ، الباحث أسد الدين الصقري
26سبتمر 2011ميلادية

ليست هناك تعليقات