بني عامر بدواة وحضارة في قبيلة واحدة - قبيلة بني عامر

بني عامر بدواة وحضارة في قبيلة واحدة

بني عامر بدواة وحضارة في قبيلة واحدة
بقلم: الباحث أسد الدين الصقري

العوامرة أكثر من البدو بداوة ,
وأكثر من الحضر حضارة ،
 قبيلة بني عامر هذه القبيلة التي خرجت من نسل وذرية الصحابي الكبير المشهور والمعروف أبو هريرة بن عامر - رضي الله عنه - ، قبيلة تتميز بطابعين متناقضين في آن واحد ، وهما البدواة والحضارة ، فبالرغم من طفرة الصراع الكبير بين النمط البدوي والنمط الحضري ، إلا أنك تجد هذين النمطين المتنافرين في نمط قبلي رهيب داخل قبيلة بني عامر ، ولهذا بالطبع أسبابه الطبيعية والبيئية والسياسية ونحن في هذا البحث سنجيب ونوضح هذا النمط القبلي لقبيلة بني عامر التي عاشت في الجوانب البيئية الثلاثة وهي : الجانب البدوي ، والريفي ، والمدني واستطاعت التكيف والتعايش مع الأنماط الثلاثة والتي هي تندرج إلى قسمين رئيسين والذي أشرنا لهما بنمطين متناقضين (بدواة ، وحضارة) في آن واحد ..

أهم مناطق تنقل قبيلة بني عامر:
ولكي نوضح هذا التطور والتغيير والتنقل بين النمطين ، يجب أن نستذكر تاريخ القبيلة وتمددها الأفقي ديموغرافيا وجغرافيا ، وكانت أهم مناطق تنقل الأجداد في بلاد الشام ما يلي:
1- في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه (658م – 670م) خلال هذه الفترة المذكورة كان الجد الأول للقبيلة وهو أبو هريرة بن عامر رضي الله عنه يتنقل من دمشق إلى الرملة إلى المدينة المنورة ، حتى كانت هذه المدن الثلاثة أهم المناطق الجغرافية المؤثرة في نمط وسلوك الأبناء والأحفاد عبر تاريخهم الطويل .. وقد توفي الجد الأول للقبيلة في المدينة والمنورة ..

2- في عهد الخليفة سليمان بن عبد الملك سنة 712م – 718م كانت الرملة المدينة الفلسطينية الساحلية أهم بؤرة سكانية يتجمع فيها أحفاد أبو هريرة رضي الله عنه ، فكان بلال بن عبد الرحمن بن أبي هريرة قائد الشرطة الأموية وكانت الرملة عاصمة الخلافة الأموية مدة سنتين ..

3- في أواخر العهد الأموي في عهد الخليفة الأخير مروان بن محمد سنة 749م – 753م كان أحفاد أبو هريرة يتمركزون في الرملة وهي موضع سكنهم الدائم ، إلا أن لهم تواجد وتنقل بين دمشق والرملة وحدود العراق بسبب ما آلت إليه الظروف السياسية الأخيرة بين كل من الأمويين والعباسيين من جهة ، والقبائل اليمنية والقيسية من جهة ثانية ..

4- الفترة الحاسمة في تاريخ أحفاد أبو هريرة كانت ما بين سنة 750م – 753م وهي تبدأ من لحظة احتدام الصراع العسكري بين الأمويين والعباسيين في العراق والشام ، وأهم مفاصلها معركة الزاب الشهيرة التي هزم فيها بني أمية وأحفاد أبو هريرة سنة 750م ، وما تبعها من ملاحقات ومطاردات عباسية لفلول بني أمية و أحلافهم من القبائل اليمنية في الشام ومصر . ففي هذه الفترة الحاسمة والهامة في التاريخ كانت للعديد من فرسان الجيش الأموي والقوات وأسرهم وعائلاتهم الكثير من النكبات والهجرات والتنقلات من المدن إلى الصحاري والأودية فرارا من عمليات السفاح العباسي والتي كان أعنفها مجزرة نهر أبي فطرس ( نهر العوجا ) قرب الرملة سنة 753م والذي اعدم فيها 90 زعيما من زعماء القبائل اليمينة من ضمنهم أحد أحفاد أبو هريرة وقبره في قرية يبنا معروف إلى الآن ، واثنين آخرين من أولاد ابو هريرة دفنا في القاهرة بمصر ، ويذكر أن الخليفة الأموي مروان بن محمد تم إلقاء القبض عليه في قرية بوصير في الصعيد وقطع رأسه وأرسل للخليفة السفاح ..

5- النقطة الخامسة والأخيرة هي فترة الثورات اليمنية ضد العباسية والتي كانت تنطلق مرارا من الشام ومدينة الرملة خصيصاً وكذلك الحروب السنية /الشيعية في العراق والشام ، والحروب اليمنية / القيسية والتي امتدت على فترات متقطعة في الشام ومصر ، كان لها أثرا إضافيا على هجرات السكان وتنقلاتهم ما بين البادية والحاضرة أو بين المدن والأرياف والصحاري ..
وكان لهذه العوامل تأثيرها الاجتماعي والجغرافي والديموغرافي على القبائل وخاصة التي كان أجدادها مطلوبين للخلفاء العباسية ،

فقبيلة بني عامر من خلال محطات تاريخها ، تنقلت ما بين المدن والصحاري بسبب تلك العوامل ومن خلال تراث القبيلة الموروث نجد آثار تلك العوامل في أنماطها المعيشية ، حيث نجد منهم أهل حضر عاشوا في المدن وخاصة قضاء الرملة معقلهم الرئيس ، وكذلك مصر وسيناء وأهلها أهل بادية ، وجنوب فلسطين ، وفي المملكة العربية السعودية لوجود أهم مدينتين وهما مكة والمدينة ، حيث تنقلوا بين هذه المناطق جميعها إذا ما تصورنا طبيعة الظروف السياسية السائدة في هذه المناطق ، إضافة إلى منطقة مهمة جدا وهي المغرب العربي والأندلس بشكل خاص لاستمرار الخلافة الأموية فيها فترة طويلة هناك حيث لجأ إليها العديد من أهل الشام فرارا من المطاردات العباسية الانتقامية ..

وخلاصة هذه المحطات التاريخية أدت إلى تفرق وتشتت ليست القبيلة الواحدة فحسب بل الأسرة الواحدة ، وهذا ما يفسر امتداد القبيلة الواحدة أو النسب الواحد بين هذه المناطق ، وبالعودة إلى تراث قبيلة بني عامر وهم جزء من أحفاد أبو هريرة وليس كلهم ، فكثير ينتمي أليهم قد تفرق في البلدان وخاصة في المدن فنسوا نسبهم وضيعوه ، أو أخفوه كلية حتى نسي تماماً ، فأما بني عامر فهم قلة ممن احتفظ بنسبه وظل منقولاً بالوراثة حتى يومنا هذا ، وربما كانت الأحلاف أحد المقومات التي أدت إلى حفظه وتناقله ومن المعروف تاريخيا أن بني عامر دخلوا حلفا مع العديد من القبائل اليمنية مثل جذام بمصر وقضاعة بفلسطين والشام .. ومناطق نفوذها هي ذاتها مناطق انتشار العوامرة حاليا وهي الصعيد أو المحافظة الشرقية وسيناء وفلسطين ..
ومن تراث قبيلة بني عامر المرتبط بتاريخهم المتنوع نجد المحاور الرئيسية التالية :-
1- التجارة وهي التي كانت تعتمد على الإبل وتسير القوافل ما بين مصر والشام ، وطرق الحج وتجارة الملح ..
2- الزراعة ومن أهم المحاصيل التي اشتغل بها العوامرة زراعة القمح والشعير والمقاثي والكروم
3- الرعي وهي حرفة أهل البادية الرئيسية وكانت منتشرة في سيناء وفلسطين وأهم حيوانات الرعي الأغنام والماعز والإبل ..
هذه المحاور الثلاث تشمل جميع الأنشطة الاقتصادية لأهل البادية وأهل الحضر على السواء ، فإذا اجتمعت في قبيلة واحدة فهذا يعني وجود دليل وبرهان على تعدد المناطق الجغرافية والبيئية التي تنقلت فيها بطون وأفخاذ هذه القبيلة من ناحية وعمق تاريخها من ناحية أخرى ، الأمر الذي وجدناه في تراث بني عامر ، أحفاد الصحابي الجليل أبو هريرة بن عامر رضي الله عنه ..

وإننا لتاريخنا محافظون
تقبلوا تحيات أخوكم أسد الدين الصقري

ليست هناك تعليقات