معاناة تجمع عرب أبو فردة وعرب الرماضين في قلقيلية .. من اللجوء إلى العزل - قبيلة بني عامر

معاناة تجمع عرب أبو فردة وعرب الرماضين في قلقيلية .. من اللجوء إلى العزل


معاناة تجمع عرب أبو فردة
وعرب الرماضين في قلقيلية .. من اللجوء إلى العزل


  تجمُعان بدويان في قلقيلية .. بات يأسرهما السكون، لا شيء هناك سوى قهر الاحتلال وظلمه لهم، التجمعان البدويان الواقعان إلى الجنوب الشرقي من مدينة قلقيلية يخضعان للعزل منذ العام 2004م، فجدار الفصل الذي قطع أوصال محافظة قلقيلية في العام 2002 وحول تجمعاتها إلى كنتونات معزولة فعل فعلته بهذين التجمعين، اللذان يفتقدان إلى أبسط مقومات الحياة .

منطقة ذات بعد استراتيجي ...

التجمعان الصغيران في منطقة تطل على الساحل، يسعى الاحتلال وبكل وسائله إلى أن يذيقهم مرارة اللجوء مرة أخرى، تارة بالترغيب وتارة أخرى بالترهيب، وما بين تجربتهم الأولى وممارسات الاحتلال يصر المواطنون على البقاء حتى لو حبس عنهم الهواء .



حسن شعور أحد المواطنين رئيس لجنة المشاريع في عرب الرماضين يروي القصة كاملة في درب المعاناة ويقول : " كنا نعيش في قرية ( خويلفة ) في منطقة بئر السبع حتى العام ( 1948م ) وكان عمري حينها سبع سنوات .. هاجرنا إلى منطقة الظاهرية قضاء الخليل وعشنا فيها ثماني سنوات حتى عام ( 1956م) حيث قام جزء من عشيرة عرب الرماضين من عائلة الشعور بالتوجه إلى مناطق الشمال الفلسطيني بالقرب من مدينة قلقيلية ( جنوب شرقي ) المدينة ومنذ ذلك الحين ونحن نعيش في تلك المنطقة ، أما جيراننا عرب أبو فردة فهم من قبيلة بني عامر (الملالحة) وكانوا يعيشون في قرية البصة قرب مدينة يافا ، وهاجروا بعد النكبة مباشرة بالقرب من مدينة قلقيلية مكان سكنهم الحالي" .

أهالي التجمعين يعتمدون في مصادر رزقهم على تربية المواشي والعمل داخل الخط الأخضر، ورغم صغر عدد سكان التجمعين إلا أن موقعهما الاستراتيجي جعل الاحتلال من عذابات المواطنين ملهاة له، فالتجمعين الواقعين على تلة منبسطةٍ تبعد بضع أمتار عن الخط الأخضر، حال دون تواصل مستوطنة " الفي منشه " مع الخط الأخضر.



ويضيف حسن شعور " أما في الوقت الحالي فان التجمعين يعيشان ظروفا مأساوية جدا لا يتحملها البشر ، ومنها وجود جدار الفصل الذي أقيم قبل أكثر من ست سنوات ، ويحيط هذا الجدار بالتجمعين من جميع الجهات ، حيث لا يوجد مدخل للتواصل مع المدينة والقرى في المحافظة إلا من خلال بوابات عسكرية يسمح بالمرور من خلالها بتصاريح خاصة للمواطنين ، ما سبب العزلة واستحالة العيش في هذه المنطقة ، حيث كان قبل بناء الجدار يستغرق الوصول إلى القرى المجاورة خمس دقائق مشيا على الأقدام ، ولكن في الوقت الحالي يستغرق الوصول إلى المدينة والقرى المجاورة ساعتين أو أكثر ، وذلك لوجود إجراءات تعسفية وتفتيش وانتظار وقت طويل للمرور ، ناهيك عن استفزازات الجنود وطريقة التفتيش المهينة ، وهي بشكل يومي للمواطنين في الخروج والدخول إلى التجمع " .

ويخضع التجمعان لحصار مستمر وإذلال على البوابات، بل وان الجنود الاسرائيليين يمنعون أي مادة حتى لو كانت لإطعام الصغار من العبور ، ويقول حسن شعور : إننا نعاني من إدخال المواد التموينية ومستلزمات التجمعين ، حيث تقوم سلطات الاحتلال بتحديد كمية المواد الغذائية المدخلة للتجمع ونوعيتها وعملية إدخال هذه المواد تتم بعد معاناة شديدة ، حيث يلزم التنسيق المسبق مع ما يسمى الإدارة المدنية قبل الموعد بيوم واخذ الموافقة عليها ومن ثم في اليوم التالي نقوم بإدخالها حيث تتعرض المواد لتفتيش دقيق وكأنها تمر لداخل سجن عسكري ، وفي بعض الأحيان يقومون بإرجاع بعض المواد خاصة اللحوم والبيض بحجة أن هذه المواد لا يسمح بدخولها إلى إسرائيل رغم أننا نعيش في أراضي الضفة، وليس إسرائيل لكنهم يعتبرون هذه المناطق خاضعة للقانون الإسرائيلي وهذا ينفي ادعاءاتهم أن الجدار أقيم لدواع أمنية".



بيوت من الصفيح ومعاناة تتكرر كل يوم

ورغم أزمة المواطنين في السكن، وضيق البيوت يمنع الاحتلال البناء وبشكل مطلق، وهذا ما دفع الأهالي لبناء بيوتهم من الصفيح، الذي يذيقهم حر الصيف وزمهرير الشتاء، لأنهم ممنوعون من بناء حجر واحد من الطوب يقول شعور " أما بالنسبة للتجمعين في الوقت الحالي فانهما يعانيان من وضع مأساوي نتيجة للتضييفات المستمرة من سلطات الاحتلال ، إذ لا يوجد أية مقومات للبنية التحتية في التجمعين من ماء وكهرباء وطرق معبدة ومرافق صحية وخدمات طبية علما بان سكان التجمعين يتجاوز ( 500 ) شخص .

كل ما هو موجود داخل التجمعين يخوض رحلة العذاب كل يوم في الصباح والمساء، ويروي حسن شعور رحلة العذاب لطلاب المدارس فيقول : " طلاب المدارس يذوقون الموت في الصباح والمساء لان المدرسة التي يدرسون بها في بلدة حبلة، لقد كانت قريبة جدا قبل الجدار بحيث كان الوصول إليها يستغرق اقل من عشر دقائق مشيا على الأقدام، لكن الجدار فصل بين المدرسة والقرية وأصبحت المسافة بعد الجدار تستغرق في بعض الأحيان أكثر من ساعة بالحافلات وان اغلب الأوقات يقوم الطلاب بالانتظار على البوابات في الذهاب والعودة لساعات طويلة ، حتى يتم فتح البوابات التي تفتح ثلاث مرات في اليوم ولمدة ساعة في كل مرة " هم بذلك يذوقون العذاب وكأنه قدر حتمي لهم، ليس لشيء وإنما لغرس الخنوع فيهم، رحلة إلى المدرسة يذوقون فيها حر الصيف وزمهرير الشتاء ".

هذه المعاناة تتكرر كل يوم فالجندي الذي يتلقى تعليمات من قيادته بإذلال المواطنين ويسلبهم إنسانيتهم يحاول جاهداً أن يسقيهم مرارة العيش، ليشعرهم بأن وجودهم في هذه المنطقة لا لزوم له، المواطنة عليا شعور تصف ما تعرضت له خلال المخاض وتقول : " إن صعوبة المواصلات وتحديد عدد السيارات المسموح لها بالدخول إلى التجمع سبب لنا الكثير من المعاناة ، وبسبب هذه الإجراءات فإنني كنت في حالة ولادة قبل عام وقمت بالاتصال بإحدى السيارات المسموح لها بالدخول إلى التجمع لكن الحاجز الإسرائيلي حال دون وصول السيارة في الوقت المحدد واحتجزها لمدة ساعتين ، مما اضطرني للولادة في البيت بدون أية مساعدة وبعد الولادة نقلت أنا والجنين إلى مستشفى الوكالة في مدينة قلقيلية وأنا بحالة صحية صعبة جدا ، حيث مكثت في المستشفى لمدة شهر ، وبعد خروجي من المستشفى بقيت أعاني من بعض المشاكل الصحية والمضاعفات مما أدى إلى حدوث مشاكل صحية لي في الكلى والكبد".

التقارير الطبية تبين إن مشاكلها الصحية نتيجة لولادتها في بيتها، هي الان مصابة بفشل كلوي، وترى الموت كل لحظة.


في الوقت الذي يسكن المواطنون في التجمعين في بيوت من الصفيح و " الاسبست " يشد المستوطنون بيوتاً ومبانٍ، ويصادرون ما تبقى من الأرض، يبقى المواطنون في التجمعين ينتظرون مصيراً مجهولاً، لكن ومع ذلك يصرون على البقاء حتى لا يعيشوا تجربة اللجوء مرة أخرى .

ليست هناك تعليقات