قبيلة بني عامر الدوسية في صدر الأسلام - قبيلة بني عامر

قبيلة بني عامر الدوسية في صدر الأسلام

قبيلة بني عامر الدوسية في صدر الأسلام
بقلم الباحث: حسام أبو العوايد العامري

قبيلة بني عامر الدوسية كانت هنا ضمن دوس , وهنا نذكر ما مرت به دوس في صدر الإسلام , ونذكر جد قبيلة بني عامر أبو هريرة الدوسي والأحداث التي عاصرها.

دوس في صدر الإسلام

كانت دوس على بقية من دين إبراهيم عليه السلام، فكانوا يعظمون البيت ويطوفون به، ويحجون ويعتمرون، ويقفون بعرفة ومزدلفة، ويهدون البُدَن (1) , ولكنها كعادة العرب تعبد الاصنام قبل ظهور بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وكانت دوس كغيرها لديها صنمين واحد يقال له ذو الخلصة بوادي ثروق والثاني ذو الكفين في نفس المنطقه, وكان ذو الخلصة يعبد من قبل خثعم وبجيله اضافه الى دوس, قال ابن إسحاق: "وكان ذو الخلصة لدوس وخثعم وبجيلة، ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة"
وفي صحيح البخاري أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخَلَصَة" (2) ، أي يعبدونه كما كانوا يعبدونه في الجاهلية.

وقد بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى ذي الخلصة جرير بن عبد اللَّه البجلي فهدمه (3) , وقال ابن حبيب: "وكان ذو الكفين لخزاعة ودوس" (4) . فلما أسلموا بعث النبي صلى الله عليه وسلم الطفيل ابن عمرو الدوسي فحرّقه، وهو يقول:

يا ذا الكفين لست من عُبّادكا
ميلادنا أكبر مـن ميلادكـا
إني حشوت النار في فؤادكا (5)


مقتل ابي أزيهر الدوسي

ومن الحوادث التي حدثت في صدر الإسلام حادثة أبي أزيهر الدوسي, فقد كان ابو ازيهر حليفا لأبي سفيان بن حرب الأموي القرشي ، وأخوال أبي سفيان من دوس ، وكانا يجلسان معا في قبة يصلحان بين من حضر إليهما ، وقد تزوج أبو أزيهر عاتكة بنت ابي سفيان ، وزوج بنته زينب عتبة بن ربيعة والأخرى الوليد بن المغيرة ولكنه بلغه انه غليظ على النساء فامسكها عنه ، وسبب ذلك انه قال :
انا اشرف ام ابوك ؟
فقالت : بل ابي لأنه سيد أهل السراة ، والعرب يصدرون عن رايه ، وانما انت سيد بني أبيك ، وفيهم من ينازعك الشرف. فلطمها فهربت الى أبيها. فلما نزل الناس سوق ذي المجاز نزل أبو أزيهر على ابي سفيان ، فأتى بنو الوليد بن المغيرة فقتلوه ، وكانت بنته عند أبي سفيان ، وكان ذلك بعد الهجرة ، ووقعة بدر ، فدعى رسول الله صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت وأمره بهجاء المطيبين ، فانبعث يحرض في دم ابي أزيهر ويعيَر ابا سفيان خفرته وجبنه فقال:

غدا اهل ضوجي ذي المخاز بسحره وجار ابن حرب بالمغمس ما يـدو
كساك هشـام بـن الوليـد ثيابـه فأبل واخلـق مثلهـا جـددا بعـد
قضى وطرا منه فأصبـح ماجـدا وأصبح رخوا ما تخب وما تعـدو
فلـو ان أشياخـا ببـدر شهـوده لبـلَ نحـور القـوم معتبـط ورد
وما منع العير الضـروط ذمـاره وما منعـت مخـزة والدهـا هنـد


فلما بلغ قوله يزيد ابن ابي سفيان جمع قومه ، فلما علم ابو سفيان جاءه وكان فيؤ مكة فنزع اللواء من يده وقال: قبحك الله أتريد أن تضرب قريشا بعضها ببعض في رجل من دوس ، سنوتيهم الدية إن قبلوها ، وإنما أراد حسان أن يضرب بعضنا ببعض ، وخلفنا عدو شامت ( يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم).

ثم إن ضرار بن الخطاب خرج في نفر من قريش بعد إسلام أهل الطائف إلى أرض دوس فنزل على مولاة لهم تدعى أم غيلان ، تمشط النساء ، وتجهز العرائس ، فأرادت دوس قتل ضرار وقومه فمنعتهم أك غيلان ، ونسوة معهها ، فقال ضرار ابن الخطاب في ذلك :


جزى الله عنَا أم غيلان صالحـا ونسوتها إذ هن شعث عواطـل
فهنَ دفعن الموت بعـد اقترابـه وقد بـرزت للثائريـن المقاتـل
دعت دعوة دوسا فسالت شعابها بعز وأدتهـا الشـراج القوافـل
وعمرا جزاه الله خيرا فما ونـى وما بردت منه لـدي المفاصـل
فجردت سيفي ثم قمـت بنصلـه وعن أي نفس بعد نفسي أقاتـل


وارسل ابو سفيان مائتي ناقة دية لأبي أزيهر مع ضرار وقومه فقبل رهط ابي أزيهر الدية ، ولما اراد ضرار وقومه الانصراف شدَت عليهم الغطاريف والنمر ودوس ( والجميع يرجع في دوس) فقتلوا بعضهم ، ونجا بعضهم ، منهم ضرار فإن ام غيلان أخرجت بناتها حسرا دونه ، وقالت: إني قد أجرته ، وحرماتكم حسر دونه ، فإن شئتم فاهتكوا الستر ، واستحلوا حرمته ، فتركوه لها ، فانصرف وقال شعرا يمدحها . ولكن حسان استمر في تحريض دوس ومما قال:

إن تقتلوا مائة به فدنية = بأبي أزيهر من رجال الأبطح
فلم ترضى دوس حتى اغارت على قريش فقتلوا منهم مقتلة عظيمة وخسرت قريش اكثر من ستين قتيل من خيرة فرسانها واجبروا قريش على دفع الجزية لدوس وقال شاعر من دوس:

ألا أبلغا حسان أعني ابن ثابت بأنا ثأرنا من قتيل المضيـح
ثلاثين من أبناء فهر بن مالك وعشرين الا واحد لـم يتيَـح
تركنا سراة الحيً تيما وعامر اوسهما ومخزوما كشاء مذبح

ووضعت دوس خراجا على قريش لما طلبوا الصلح ، وقال في ذلك سراقة الأكبر بن مرداس الدوسي من قصيدة :

فلما ان قضينا الدين قالـوا نريد السلم قلنا قـد رضينـا
وضعنا الخرج موظوفا عليهم يؤدون الإتـاوة صاغرينـا
لنا في العير دينـار مسمـى بـه حـزُ الحلاقـم يتقونـا
ولولا ذاك ما جالت قريـش شمالا في البـلاد ولا يمينـا

وبقيت قريش تؤدي هذه الاتاوة ( الجزية) لدوس حتى ظهر النبي صبى الله عليه وسلم فطرحها ( الغاها) فيما طرح من سنن الجاهلية.
ويظهر ان مقتل أبي أزيهر – وقد حدث بعد ظهور الاسلام وكان من الامور التي استغلتها ( الدعوة الاسلامية ) للايقاع بين قريش وبين دوس ، فهذا حسان بن ثابت شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم (6) يحرض دوسا على الطلب بثأر أبي أزيهر في قصيدة جاء فيها
يا دوس إن أبا ازيهر أصبحت أصداؤه رهن المضيح فاقدحي
حربا يشيب لها الوليد وإنمـا يأتي الدنيَة كل عبـد نحنـح
فابكى أخاك بكل أسمر ذابـل وبكل أبيض كالعقيقة مصفـح
وبكل صافيـة الأديـم كأنهـا فتخاء كاسرة تـدق وتطمـح
وطمرة مرطى الجراء كأنهـا سيد بمقفرة وسهـب أفيـح
إن تقتلوا مائـة بـه فدنيَـة بأبي أزيهر من رجال الأبطح
(7)


وكانت قبيلة دوس سباقة الى الاسلام بل كانت من اركان قوة الاسلام ومن احب القبائل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتهر منهم رواة حديث وقضاه وعلماء وقاده وابطال غيروا مجرى تاريخ الحروب والفتوحات الاسلامية.


وفي عام 617ميلادي (6 قبل الهجرة) أسلم الطفيل بن عمرو الدوسي وهو من أوائل السابقين إلى الإسلام ، وكان الطفيل رجلا شريفا في قومه شاعرا لبيباً, وأسلم قبل الهجرة النبوية بمكة في السنة السابعة من البعثه النبوية( 617 م) ( 6 ق.هـ) . ثم لحق بالرسول بالمدينة بعد معركة أحد وأقام فيها، وإستشهد في حروب الردة بمعركة اليمامة.

فأما الطفيل بن عمرو الدوسي* وأبو هريرة الدوسي** رضي الله عنهما فمن بني سليم بن فهم بن غنم بن دوس وكان قومهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في بلاد دوس باليمن. (8)


جد قبيلة بني عامر أبو هريرة الدوسي

ونأتي الآن على ذكر الصحابي الجليل أبو هريرة الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من بني سليم بن فهم بن غنم بن دوس وكان من أوائل الذين أسلموا على يدي الطفيل بن عمرو بعد زوجة الطفيل وأبيه (9) . وهو من كبار الصحابة, وكان من أميز أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم في نقل سنته وسيرته العطرة حتى كني براوية الإسلام, فقد أجمع أهل الحديث أن أبا هريرة أكثر الصحابة روايةً وحفظاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . اسمه في الجاهلية عبد شمس, ولما أسلم أسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عامر الدوسي نسبة إلى قبيلة دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران من الأزد من قحطان


نسب أبو هريرة:

هو عبد الرحمن بن عامر بن عبد ذي الشري بن طريف بن عتاب بن أبي صعب بن منبه بن سعد بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبدالله بن مالك بن نصر بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان (10)
ويمكن إكمال نسبه لآدم كالآتي:
قحطان بن عابر (النبي هود عليه السلام) بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح (عليه السلام) بن لمك بن متوشلخ بن اخنوخ (النبي إدريس عليه السلام) بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن انوش بن شيث بن آدم أبو البشر.

وقد ولد في بلاد دوس في اليمن عام سنة 19 قبل الهجرة )599م( ، وهاجر عام خيبر في المحرم سنة سبع من الهجرة إلى المدينة أثناء فتح خيبر أي بعد إسلامه بعشر سنوات.


أسلم أبو هريرة في دوس على يد الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه في السنة السابعة من البعثه النبوية( 617 م) ( 6 ق.هـ) ، وهو وحده الذي أجاب دعوة الطفيل بن عمرو الدوسي - بعد أبي الطفيل وزوجه - عندما دعا الطفيل قبيلته دوسًا إلى الإسلام (11) ، وكان عمره عند إسلامه ستة عشر سنة , وقدم مع الطفيل بن عمرو الدوسي إلى الرسول في مكة عندما طلب الطفيل من رسول الله أن يدعو على دوس، وقال أبو هريرة عندها "هلكت دوس" ولكن النبي قال"اللهم اهد دوسًا (12)

وظل مسلماً عشر سنين في ارض قومه دوس إلى ما بعد الهجرة بست سنين حيث وفد مع جموع من قومه على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة , فهو هاجر عام خيبر في المحرم سنة سبع من الهجرة إلى المدينة أثناء فتح خيبر أي بعد إسلامه بعشر سنوات


جد قبيلة بني عامر الدوسية في عهد رسول الله

وكان أبو هريرة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم , لابثاً بجواره ملازماً له , يتلقى العلم بيد يدي أشرف معلم.
فقد كانت حياته حافة بالعلم والجهاد فقد شارك بعد هجرته إلى المدينة جميع الغزوات مع الرسول , أول معركة شهدها أبو هريرة بعد هجرته هي معركة خيبر , فقد أورد البخاري نصوصاً كثيرة في شهوده خيبر , منها ما يشير إلى حضوره بعد فتحها , وبعضها يشير إلى حضوره بعض قتالها . (13)

ثم شهد أبو هريرة عمرة القضاء مع الرسول صلى الله عليه وسلم , التي كانت بعد الحديبية بسنة. (14)
وشهد غزوة نجد المسماة ذات الرقاع في السنة السابعة (15)

وأعتمده الرسول صلى الله عليه وسلم في بعث خاص لقتل رجلين من قريش , (16)
وشهد الفتح الأكبر فتح مكة, إذ أورد البخاري جملة نصوص تدل على حضوره فتح مكة , (17) وكذلك غزوة حنين (18) , وحصار الطائف. (19)
وشهد غزوة تبوك (20) , شهد حرب مؤتـه مع المسلمين, (21)


وفي السنة الثامنة للهجرة أمّر النبي صلى الله عليه وسلم العلاء بن الحضرمي على البحرين , وبعث مع أبا هريرة الدوسي مؤذناً , (22)

ومكث أبو هريرة في البحرين سنة أو دونها (23) , ولما رجع العلاء رجع معه أبو هريرة, ففي الطبقات (24) أن العلاء قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فولى مكانه ابان بن سعيد بن العاص عاملا فيها,

في السنة التاسعة للهجرة قد ثبت في الصحيح أن أبا هريرة قد حج مع أبي بكر , وكان ينادي في الحج مع علي أن لا يحج بعد العام مشرك. (25)



جد قبيلة بني عامر الدوسية أبو هريرة في عهد الخلفاء الراشدين


بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم عاش أبو هريرة الدوسي -رضي الله عنه- عابدا ومجاهدا ، لا يتخلف عن غزوة ولا عن طاعة ، فقد شارك -رضي الله عنه- في حروب الردة مع أبي بكر في السنة 11هـ 632م, حيث أخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة عن النبي قال :((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله, قال فلما كانت الردة قال عمر لأبي بكر تقاتلهم وقد سمعت رسول الله يقول :كذا وكذا؟ فقال أبو بكر: والله لا أفرق بين الصلاة والزكاة ولأقاتلن من فرق بينهما, قال أبو هريرة فقاتلت معه)) (26)

وقد شهد معركة اليرموك (27) , وفي السنة الرابعة عشرة من الهجرة وفي خلافة أبي بكر (28) , رجع أبا هريرة إلى البحرين مع العلاء , فأبا بكر أعاد العلاء بن الحضرمي على البحرين (29) , وفي نفس السنة 14 هـ شارك أبو هريرة مع العلاء في فتح دارين, فقد ذكر عن أبي هريرة قوله: "رأيتُ من العلاء بن الحضرمي ثلاثة أشياء لا أزال أحبّه أبداً ، رأيته قطع البحر على فرسه يوم دارين !!

ثم كان أبو هريرة بالبحرين أيضاً في أمارة قدامة بن مظعون عليها , ففي خلافة الفاروق عمر ولى قدامة بن مظعون الجمحي إمارة البحرين وبعث معه أبا هريرة إلى البحرين على القضاء والصلاة. (30)
ففي السنة 21هـ 632م أمر الفاروق أبا هريرة على البحرين بعد هذا التدرج, قال أبو يوسف القاضي صاحب الإمام أبي حنيفة حدثني المجالد بن سعيد عن عامر (وهو الإمام الشعبي) عن المحرر بن أبي هريرة عن أبيه أن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- دعا أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم - فقال : إذا لم تعينوني فمن يعينني ؟ قالوا: نحن نعينك , فقال يا أبا هريرة آئت البحرين وهجر أنت العام , قال: فذهبت. ) (31)
وهذا النص يرينا أن أبا هريرة كان من أعيان المسلمين وأهل الحل والعقد أيام عمر . (32)

فقدم أبو هريرة من البحرين بعشرة آلاف, فقال له عمر : من أين هي لك؟ قلت: خيل نتجت، وغلة رقيق لي، وأعطية تتابعت. فنظروا، فوجدوه كما قال: فلما كان بعد ذلك، دعاه عمر ليوليه، فأبى, فقال: تكره العمل وقد طلب العمل من كان خيرا منك: يوسف عليه السلام ! فقال: يوسف نبي ابن نبي ابن نبي وأنا أبو هريرة بن أميمة. وأخشى ثلاثا واثنتين.
قال: فهلا قلت: خمسا ؟ قال: أخشى أن أقول بغير حلم، وأقضي بغير حلم، وأن يضرب ظهري، وينتزع مالي، ويشتم عرضي. (33)

وشهد غزوات ارمينية وجهات جرجان , وأفاد ابن خلدون أنه كان مع أمير أرمينية عبد الرحمن بن ربيعة زمن عثمان رضي الله عنه , (34)

وكان ممن شارك في الدفع عن عثمان رضي الله عنه يوم الدار يدافع وينافح عنه ، حتى أمر عثمان رضي الله عنه من عنده بالخروج .

وقد كان أبو هريرة رضي الله عنه متقلداً سيفه ، لكن عثمان لم يأذن له قائلاً : يا أبا هريرة أيسرك أن تقتل الناس جميعاً و إياي ؟ قال : لا ، قال : فإنك والله إن قاتلت رجلاً واحداً فكأنما قُتل الناس جميعاً . قال أبو هريرة : فرجعت و لم أقاتل. (35)

و قال أبو هريرة رضي الله عنه للذين حاصروا عثمان رضي الله عنه يوم الدار : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنكم تلقون بعدي فتنة و اختلافاً ، أو قال : اختلافاً و فتنة ، فقال له قائل من الناس : فمن لنا يا رسول الله ؟ فقال : عليكم بالأمين و أصحابه ، و هو يشير إلى عثمان بذلك. (36)

وعن أبي مريم قال: رأيت أبا هريرة يوم قتل عثمان وله ضفيرتان، وهو ممسك بهما وهو يقول: قتل والله عثمان على غير وجه الحق, (37)


وبعد مقتل عثمان –أي في زمن خلافة علي- كان يفتي بالمدينة, فعن زياد بن مينا، قال: كان ابن عباس، وابن عمر، وأبو سعيد، وأبو هريرة، وجابر مع أشباه لهم، يفتون بالمدينة عن رسول الله من لدن توفي عثمان إلى أن توفوا، قال: وهؤلاء الخمسة إليهم صارت الفتوى.

اصطلح وتعارف جمهور أهل المدينة على تقديم أبو هريرة للصلاة في كل العهود العلوية والأموية. (38) , كما ورد في تاريخ الطبري عندما أرسل علي بن أبي طالب –رضي الله عنه-جارية بن قدامة لأخذ البيعة لأمير المؤمنين نص " وأتى المدينة وأبو هريرة يصلي بهم" (39)


وكان أبو هريرة رضي الله عنه ممن اعتزل الفتنة التي وقعت بين الصحابة رضي الله عنهم إلى أن توفي رضي الله عنه وأرضاه فلم يحضر معركة الجمل ولا صفين ، وهذا الذي وقع من أكثر الصحابة رضي الله عنهم حيث اعتزل جُلُّهم الفتنة : كسعد بن أبي وقاص ، وعمران بن حصين ، وابن عمر ، وكعب بن عجرة ، ومحمد بن مسلمة ، وأسامة بن زيد ، وأبو بكرة الثقفي ، وأهبان بن صيفي ، وكثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن اعتزل الفتنة. (40)

الخاتمة

سردنا لكم تاريخ قبيلة بني عامر الدوسية من العصر الجاهلي حيث الأزد ومررنا على ذكر دوس في الجاهلية والإسلام, وذكرنا لكم تاريخ القبيلة في صدر الإسلام , وذكرنا رجالات من دوس , وترجمنا لجد القبيلة أبي هريرة الدوسي في الجاهلية والإسلام.


كتبها الباحث حسام أبو العوايد العامري
23/1/2012

*هناك ملحق رقم 1 يتحدث عن الطفيل بن عمرو الدوسي
**هناك ملحق رقم 2 يتحدث عن أبو هريرة الدوسي
.....................................

المراجع:

1- الأصنام 6،13،14، والمحبر 311
2- أخرجه البخاري (باب تغير الزمان حتى تعبد الأوثان- 6699) 6/2604
3-سيرة ابن هشام 1/86
4- المحبر 318
5- الأصنام 37. وينظر: السيرة لابن هشام 1/385
6- سيرة ابن هشام ص411-412/1
7- وانظر البداية والنهاية والأغاني
8- الأنساب للسمعاني 2/506
9- كتاب الأنساب للسمعاني 2/506
10- الاصابة في تمييز الصحابة ج7 ص376
11- ابن حجر في الإصابة جـ1
12- صحيح البخاري رقم الحديث 2937
13- (البخاري 8/179 , 5/176 , 4/ 29 , 5/169)
14- (مغازي الواقدي 2/733)
15- (مغازي الواقدي 5/147)
16- (البخاري 4/60/75) , مسند الإمام أحمد 15/206 , الدارمي 2/222)
17-البخاري 5/188 , 3/156 , 5/38)
18- (البخاري 5/65) ,
19- (مغازي الواقدي 3/936)
20-(معاني الآثار 2/15 , دلائل النبوة ص357)
21- (المغازي 2/760)
22- تاريخ ابن عساكر 19/113/2
23- (الأنوار الكاشفة ص224)
24- (ابن سعد الطبقات 4/2/77)
25- (أنظر صحيح البخاري تفسير سورة براءة)
26- (المسند 1/181)
27- (تاريخ دمشق ج47 ص429 , ولم أره لكن ذكره الاستاذ الخطيب ص117) (الإصابة 2/111)
28- (الأنوار الكاشفة ص225)
29- (ابن سعد الطبقات 4/2/77)
30- فتوح البلدان ص 92-93
31- (كتاب الخراج ص 114)
32- (دفاع عن أبي هريرة ص139)
33- أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 1/380 ، وانظر : سير أعلام النبلاء للذهبي ( 2 / 612)
34- (تاريخ ابن خلدون 2/1024)
35- أخرجه ابن سعد في الطبقات ( 3 / 70 ) ، وخليفة بن خياط في تاريخه ص173
36- أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة ص 450 – 451 ، وقال المحقق : إسناده صحيح . ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص374)
37- تحقيق مواقف الصحابة (2/31)، تاريخ دمشق، ص493.
38- دفاع عن أبي هريرة ص 154
39- (تاريخ الطبري 106/4 ) (أبو هريرة راوية الإسلام ص111 ) ( أنساب الأشراف ص367/1)
40- تذكرة الحفاظ 1/22


..................................

كتبها الباحث حسام أبو العوايد العامري
23/1/2012

................................



ملحق 1
قصة إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي


في وسط هذا الضلال الجاهلي والشرك المظلم بلغت دعوت التوحيد من مكة رجلا شريفاً شاعراً مليئاً كثير الضيافة (1) هو الطفيل بن عمرو الدوسي , فأسلم الطفيل وتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثم رجع إلى قومه من ارض دوس (2) . فدعا قومه , وكان فيهم أبو هريرة (3) , فكان من أوائل الذين أسلموا على يدي الطفيل بن عمرو بعد زوجة الطفيل وأبيه. أنظر فتح الباري 9/164 , (4)

تحذير قريش له من الاستماع للنبي صلى الله عليه وسلم

قال ابن إسحاق : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على ما يرى من قومه ، يبذل لهم النصيحة ، ويدعوهم إلى النجاة مما هم فيه . وجعلت قريش ، حين منعه الله منهم ، يحذرونه الناس ومن قدم عليهم من العرب

وكان الطفيل بن عمرو الدوسي يحدث : أنه قدم مكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بها ، فمشى إليه رجال من قريش ، وكان الطفيل رجلا شريفا شاعرا لبيبا ، فقالوا له : يا طفيل ، إنك قدمت بلادنا ، وهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بنا ، وقد فرق جماعتنا ، وشتت أمرنا ، وإنما قوله كالسحر يفرق بين الرجل وبين أبيه ، وبين الرجل وبين أخيه ، وبين الرجل وبين زوجته ، وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا ، فلا تكلمنه ولا تسمعن منه شيئا .

استماعه لقول قريش ثم عدوله وسماعه من الرسول

قال : فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت أن لا أسمع منه شيئا ولا أكلمه ، حتى حشوت في أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفا فرقا من أن يبلغني شيء من قوله ، وأنا لا أريد أن أسمعه . قال : فغدوت إلى المسجد ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي عند الكعبة . قال : فقمت منه قريبا فأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله . قال : فسمعت كلاما حسنا قال : فقلت في نفسي : واثكل أمي ، والله إني لرجل لبيب شاعر ما يخفى علي الحسن من القبيح ، فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول فإن كان الذي يأتي به حسنا قبلته ، وإن كان قبيحا تركته

التقاؤه بالرسول وقبوله الدعوة

قال : فمكثت حتى انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته فاتبعته ، حتى إذا دخل بيته دخلت عليه ، فقلت : يا محمد ، إن قومك قد قالوا لي كذا وكذا ، للذي قالوا ، فوالله ما برحوا يخوفونني أمرك حتى سددت أذني بكرسف لئلا أسمع قولك ، ثم أبى الله إلا أن يسمعني قولك ، ، فسمعته قولا حسنا ، فاعرض علي أمرك .

قال : فعرض علي رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام ، وتلا علي القرآن ، فلا والله ما سمعت قولا قط أحسن منه ، ولا أمرا أعدل منه . قال : فأسلمت وشهدت شهادة الحق ، وقلت : يا نبي الله ، إني امرؤ مطاع في قومي ، وأنا راجع إليهم ، وداعيهم إلى الإسلام ، فادع الله أن يجعل لي آية تكون لي عونا عليهم فيما أدعوهم إليه فقال : اللهم اجعل له آية

الآية التي جعلت له

قال : فخرجت إلى قومي ، حتى إذا كنت بثنية تطلعني على الحاضر وقع نور بين عيني مثل المصباح فقلت : اللهم في غير وجهي ، إني أخشى ، أن يظنوا أنها مثلة وقعت في وجهي لفراقي دينهم . قال : فتحول فوقع في رأس سوطي . قال : فجعل الحاضر يتراءون ذلك النور في سوطي كالقنديل المعلق ، وأنا أهبط إليهم من الثنية ، قال : حتى جئتهم فأصبحت فيهم

دعوته أباه إلى الإسلام

قال : فلما نزلت أتاني أبي ، وكان شيخا كبيرا ، قال : فقلت : إليك عني يا أبت ، فلست منك ولست مني قال : ولم يا بني ؟ قال : قلت : أسلمت وتابعت دين محمد صلى الله عليه وسلم ، قال : أي بني ، فديني دينك ؟ قال : فقلت : فاذهب فاغتسل وطهر ثيابك ، ثم تعال حتى أعلمك ما علمت . قال : فذهب فاغتسل ، وطهر ثيابه . قال : ثم جاء فعرضت عليه الإسلام ، فأسلم .

دعوته زوجه إلى الإسلام

( قال ) ثم أتتني صاحبتي ، فقلت : إليك عني ، فلست منك ولست مني ، قالت : لم ؟ بأبي أنت وأمي ، قال : ( قلت : قد ) فرق بيني وبينك الإسلام ، وتابعت دين محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : فديني دينك ، قال : قلت فاذهبي إلى حنا ذي الشرى - قال ابن هشام : ويقال : حمى ذي الشرى - فتطهري منه .

( قال ) : وكان ذو الشرى صنما لدوس ، وكان الحمى حمى حموه له ، ( و ) به وشل من ماء يهبط من جبل . قال : فقلت بأبي أنت وأمي ، أتخشى على الصبية من ذي الشرى شيئا ، قال : قلت : لا ، أنا ضامن لذلك ، فذهبت فاغتسلت ، ثم جاءت فعرضت عليها الإسلام ، فأسلمت .

دعوته قومه إلى الإسلام وما كان منهم ولحاقهم بالرسول

ثم دعوت دوسا إلى الإسلام ، فأبطئوا علي ، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، فقلت له : يا نبي الله إنه قد غلبني على دوس الزنا فادع الله عليهم ، فقال : اللهم اهد دوسا ارجع إلى قومك فادعهم وارفق بهم . قال : فلم أزل بأرض دوس أدعوهم إلى الإسلام ، حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، ومضى بدر وأحد والخندق ، يقول الطفيل : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن أسلم معي من قومي ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر . حتى نزلت المدينة بسبعين أو ثمانين بيتا من دوس (5) ، ثم لحقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر ،فأتيناه قبل الفتح بيوم أو بعده بيوم (6) , فأسهم لنا مع المسلمين

ذهابه إلى ذي الكفين ليحرقه

ثم لم أزل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا فتح الله عليه مكة ، قال : قلت : يا رسول الله ، ابعثني إلى ذي الكفين صنم عمرو بن حممة حتى أحرقه . قال ابن إسحاق : فخرج إليه ، فجعل طفيل يوقد عليه النار ويقول :

يا ذا الكفين لست من عبادكا
ميلادنا أقدم من ميلادكا
إني حشوت النار في فؤادكا

جهاده مع المسلمين بعد قبض الرسول ، ثم رؤياه ومقتله

قال : ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان معه بالمدينة حتى قبض الله رسوله صلى الله عليه وسلم . فلما ارتدت العرب ، خرج مع المسلمين ، فسار معهم حتى فرغوا من طليحة ، ومن أرض نجد كلها . ثم سار مع المسلمين إلى اليمامة ، ومعه ابنه عمرو بن الطفيل ، فرأى رؤيا وهو متوجه إلى اليمامة ، فقال لأصحابه : إني قد رأيت رؤيا فاعبروها لي ، رأيت أن رأسي حلق ، وأنه خرج من فمي طائر ، وأنه لقيتني امرأة فأدخلتني في فرجها ، وأرى ابني يطلبني حثيثا ، ثم رأيته حبس عني ، قالوا : خيرا ، قال : أما أنا والله فقد أولتها ؟ قالوا : ماذا ؟ قال : أما حلق رأسي فوضعه ، وأما الطائر الذي خرج من فمي فروحي ، وأما المرأة التي أدخلتني فرجها فالأرض تحفر لي ، فأغيب فيها ، وأما طلب ابني إياي ثم حبسه عني ، فإني أراه سيجهد أن يصيبه ما أصابني . فقتل رحمه الله شهيدا باليمامة ، وجرح ابنه جراحة شديدة ، ثم استبل منها ، ثم قتل عام اليرموك في زمن عمر رضي الله عنه شهيدا . (7)

............................
مراجع ملحق 1 :

1- (ابن سعد 4/237)
2- (المستدرك 3/259)
3- (ابن سعد 1/353)
4- كتاب الأنساب للسمعاني 2/506
5- (ابن سعد 4/239 , تاريخ البخاري 355/ج3/ق1)
6- (المستدرك 2/33)
7- كتاب سيرة ابن هشام ج1 ص: 383-386





........................................


ملحق 2


...............................
بقلم الباحث: حسام أبو العوايد العامري
23/1/2012


ليست هناك تعليقات